مام مسلمي الدنمارك: الملكة مارجريت لم تهاجم الاسلام والترجمة خاط
الملكة مارجريت الثانية دعت في ملاحظاتها إلى الحوار مع المسلمين (ارشيف) |
دبي - فراج اسماعيل
قال الإمام عبد الواحد بيدرسون إمام مسلمي الدنمارك إن الملكة مارجريت الثانية لم تهاجم الإسلام في كتابها الذي يحوي مذكراتها الشخصية، وأنها أوردت بعض الملاحظات حول ذلك، ترجمت ترجمة خاطئة انتشرت في العالم العربي مما أدى إلى إساءة فهمها، واعتبرت موقفا من الملكة ضد الإسلام وهو ليس حقيقيا.
وتحدث عن دعاوى قضائية أقامها مسلمو الدنمارك ضد الصحيفة التي نشرت رسوما مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، قائلا إن المسألة ستحل في المحاكم، وأنهم في طريقهم لحملة إعلامية لإبراز سماحة الإسلام ونبيه الكريم.
وأوضح في تصريحات لـ"العربية.نت" أن الملكة مارجريت الثانية دعت في ملاحظاتها إلى الحوار مع المسلمين، ونحن نحب الحوار ونرحب به، وليس في تلك الدعوة مواجهة مع الإسلام، لقد وقع سوء فهم بالغ لكلامها.
وأشار إلى أن الخطأ كان في الترجمة الخاطئة لكلمة التحدي challenge والتي قصد بها قبول التحدي لإجراء هذا الحوار مع الآخر وليس مواجهته أو الاصطدام به كما جرى تفسير ذلك على نطاق واسع، موضحا أنه – أي الإمام عبد الواحد – يفهم المقصود بذلك جيدا من خلال أنه إمام لمسلمي الدنمارك ومترجم متعمق.
وقال إن الملكة مارجريت الثانية، تدعو إلى الحوار، وعلى المسلمين القبول بذلك، فديننا يأمرنا بفتح قنوات الاتصال مع الآخرين، دون رفض أو انعزال انطلاقا من القاعدة الفقهية "لكم دينكم ولي دين".
وأضاف أن الكتاب يقع في حوالي 200 صفحة ويحوي مذكراتها عن حياتها وأفكارها، ولم يشتمل سوى على جزء بسيط عن الإسلام والمسلمين، وهو الذي تسببت ترجمته الخاطئة في هذا الجدل الواسع في العالم العربي والإسلامي.
واستطرد أن الملكة لم تطلب أن تشارك بنفسها في الحوار، ولكنها تشجع الشعب الدنماركي على الحوار مع أقليته المسلمة في سبيل الوصول إلى فهم متبادل، واجتثاث التعصب والتطرف.
وكان الإمام عبد الواحد بيدرسون قد أرسل لبعض وسائل الاعلام العربية بيانا يوضح فيه الالتباس الذي وقع عند الكثيرين بسبب الترجمة الخاطئة لكلام الملكة مارجريت الثانية، قال فيه إنه من المؤسف رؤية كيف يمكن أن تؤدي الترجمة السيئة إلى تحريف الحقائق وتشويه مغزاها الحقيفي.
وأكد أن الملكة أبدت إعجابها بالذين تؤثر عقيدتهم في حياتهم، وأن هؤلاء يجب أن يلقوا كل تقدير واحترام. وتحدثت عن أخطار التعصب الديني الصارم، وتراه بمثابة تحد يجب مواجهته، وأنا اتفق معها في هذا الأمر فقد رأينا عبر التاريخ أمثلة كثيرة توضح كيف يمكن أن للتعصب إذا اقترن بالدين أن يكون خطيرا وقاتلا.
وقال الإمام عبد الواحد إن ما دعت له الملكة مارجريت الثانية في ملاحظاتها يتفق تماما مع ما يجب أن يقوم به أي مسلم حقيقي من مواجهة التحديات بشكل واضح وقوي والتحاور مع أهل الأديان الأخرى.
وتأسف الإمام عبد الواحد لموقف الشيخ يوسف القرضاوي وجامعة الأزهر من ما جاء في كلام الملكة بسبب تلك الترجمة الخاطئة، مع أن المسلمين يجب أن يرحبوا بمثل هذا الحوار مع شخصية حكيمة مثل شخصية الملكة مارجريت.
الجدل قد تفجر واسعا في العالم العربي حول كلمات نسبت للملكة (64 عاما) في كتاب حمل اسم "مارجريت" وكتبته الصحافية انيليس بيستروب، وذلك في إطار ردود فعل المسلمين الغاضبين من رسوم مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم نشرتها صحيفة "يولاند بوستن" الدنماركية.
ترجمتان مختلفتان في الشرق الأوسط والحياة
وكان الزميل اشرف الخضراء قد نشر تقريرا في صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية يخالف ترجمة صحيفة الديلي تلجراف البريطانية ووكالة الأنباء الفرنسية والتي نشرتها أيضا صحيفة "الحياة" اللندنية، وهو الأمر الذي سببا خلافا بين الخضراء وجريدة الشرق الأوسط بسبب ما جاء في تقريره المخالف لما نشرته وسائل الاعلام الاخرى، الأمر الذي سبب حرجا للصحيفة.
وجاء فيما نشرته الشرق الأوسط للزميل لأشرف الخضراء أن الملكة مارجريت قالت في كتابها "اننا لوقت طويل لم نكن ننظر الى الاسلام بجدية بل كنا كسالى، وغير معنيين بالامر ولا نريد ان نفتح علاقة معهم".
وأضافت: "اننا كنا لسنوات نواجه الاسلام محليا وعالميا كتحد لوجودنا ويهددنا، ولذلك يجب ان نعيد النظر في هذا الموقف بجدية". وقالت انها منبهرة من هؤلاء الناس المتدينين الذين يرافقهم الدين في حياتهم من الصباح حتى المساء ومن وقت ولادتهم الى موتهم.
وقالت ان "هذا الكلام ايضا ينطبق على المسيحيين الملتزمين". واشارت الملكة مارجريت الى انه "لوقت طويل تم شحننا ضد هؤلاء لاننا كسالى وغير مهتمين بالموضوع ولم نتعلم عن الاسلام كثيرا ولم نقرأه. واعتقد اننا يجب ان لا نستمر بذلك وان نجازف وان نفتح معهم حوارا ونقيم علاقة وان نتصدى للمتشددين الذين تركنا لهم الساحة لوقت طويل على المستويين المحلي والعالمي"
وأضافت تقرير اشرف الخضراء في جريدة "الشرق الأوسط" أن الملكة دعت الى التعرف على الاسلام بشكل افضل، "ولا ننظر الى كل المسلمين انهم سواء".
وقالت الصحافية عفراء خلاش المقيمة في كوبنهاجن في اتصال مع «الشرق الاوسط» ان الملكة مارجريت تريد بهذا الكلام في الكتاب ان توجه رسالة الى الشعب الدنماركي والحكومة الحالية المتشددة بسياساتها تجاه الاجانب وتحديدا المسلمين، وانها كملكة لا تتدخل في السياسة الا انها توجه النصيحة الى الحكومة والى الشعب "بأن يغير من سياساته وان يكون منفتحا على الاجانب في البلاد وخصوصا المسلمين وان يتعلم ويقرأ عن الاسلام".
أما التقرير الذي بثته وكالة الأنباء الفرنسية ونقلته عنها صحيفة "الحياة" اللندنية وموقع "العربية.نت" فجاء فيه أن ملكة الدنمارك مارجريت الثانية اعتبرت انه من الضروري "اخذ التحدي الذي يشكله الاسلام على محمل الجد, على الصعيد المحلي (في مملكتها) والعالمي", وذلك في كتاب مذكرات جديد.
وحذرت في الكتاب الذي حمل اسم "مارجريت" وكتبته الصحافية انيليس بيستروب من انه "تحد نحن مرغمون على أخذه على محمل الجد. لقد تركنا هذه المسألة قائمة لفترة طويلة جدا لأننا متسامحون ويسيطر علينا الخمول".
وكتبت: "هناك شيء مدهش بعض الشيء لدى اولئك الذين يشكل الدين كل حياتهم ويشبع حياتهم اليومية من الصباح حتى المساء ومن المهد الى القبر", في اشارة الى المسلمين. ولفتت الى "وجود مسيحيين هم كذلك ايضا".
وتابعت "يجب التصدي للاسلام ويجب من حين لاخر ان نواجه مخاطر ان نوصف باننا اقل مجاملة, لان هناك بعض الامور التي لا يمكن التسامح حيالها". وقالت الملكة التي تعتلي العرش منذ 1972 "وحين نكون متسامحين, يجب ان نعرف ما اذا كان ذلك عن قناعة او عن راحة".
وبعد ان شجبت الاصولية بدون تسميتها, لفتت الملكة المطلعة على أصول الاسلام بفعل ميولها لعلم الاثار, الى انه "من الواضح ان الشباب من دين الاسلام يمكن ان يشعروا بانهم منجذبون" الى القيم المطلقة لدينهم الذي يلجأون اليه "نظرا لانهم مستبعدون عن مجموعاتنا بسبب عدم كفاية معرفتهم اللغوية".
وتابعت الملكة "الامر لا يتعلق فقط بالتحدث او فهم اللغة الدنماركية وانما معرفة مصطلحات هذه اللغة وعلينا مساعدتهم في ذلك". والملكة هي رئيسة الكنيسة الانجيلية-اللوثرية التي يتبعها 85% من سكان الدنمارك البالغ عددهم 5.4 ملايين نسمة, وهناك حوالى 150 ألف مسلم يشكلون 3% من عدد السكان.
يذكر أن المسلمين في الدانمارك هم اكبر مجموعة دينية في الدنمارك بعد المسيحيين اللوثريين والانجيليين، ويمتدون لأصول تركية وباكستانية.
وكانت جريدة "بلاند بوسطن" في كوبنهاجن قد اتهمت الاعلام العربي بأنه يقف وراء المشكلة باتهام الملكة مارجريت الثانية بمهاجمة الاسلام وذكرت بالاسم جريدة "الحياة".
دعاوي قضائية ضد صحيفة الرسوم المسيئة
وحول أوضاع مسلمي الدنمارك بعد ردود الفعل الواسعة بشأن الرسوم المسيئة، قال الإمام عبد الواحد ردا على سؤال من "العربية.نت" أن الأمور تحسنت، صحيح أن هناك بعض الأشخاص معادين للمسلمين، ولكن عموم الشعب الدنماركي طيب ومتسامح ولا يهمه ما إذا كان الآخر مسلما أو مسيحيا أو بوذيا أو يعتنق أية عقيدة أخرى، والقليل منهم متطرفون.
وأشار إلى أن المهم لنا كمسلمين هنا في الدنمارك أن رئيس الحكومة وكبار مسئوليها اعتذروا عن نشر تلك الرسوم، لكن بلا شك أن الحكومة ليست وراء ذلك، بل شركة خاصة ممثلة في الصحيفة التي قامت بنشر الرسوم، ونحن كمسلمين قمنا برفع دعاوى قضائية ضدها، وسنقوم بمتابعتها.
وأوضح "رغم اختلافي سياسيا مع رئيس الوزراء، إلا أنه ينبغي أن نعطيه حقه، فقد اعترض على تلك الرسومات التي نشرتها الصحيفة، وأبدى استياءه منها، وهذا يكفينا".
الأزمة لا تحلها مظاهرات العنف وحرق السفارات
وعقب بأن هذه المسألة لا تحل في "شوارع بيروت ودمشق".. يقصد المظاهرات التي اجتاحت المدينتين مؤخرا وما جرى في بيروت من حرق القنصلية الدنماركية، وكذلك حرق السفارتين الدنماركية والنرويجية في دمشق.
واستطرد "المسألة تحل من خلال المحاكم وبواسطة الحوار وليس بحرق السفارات وتحطيم السيارات. لقد رفعنا دعوى قضائية على الصحيفة وسنتابعها إلى آخر درجة".
وقال عبد الواحد إمام مسلمي الدنمارك "نقوم باتصالات حاليا مع أناس في الخليج وأمريكا وأوروبا لتمويل حملة توضيحية تشمل كتبا وموضوعات تشرح الإسلام كدين حنيف يحث على الخير والسلام وتقدم السيرة العطرة للرسول صلى الله عليه وسلم وعرضها على الرأي العام الدنماركي لتصحيح الصورة النمطية غير الصحيحة السائدة عند البعض".
وأوضح أنه لن يكون هناك اتجاه لنشر ذلك في الصحيفة نفسها التي نشرت الرسومات المسيئة، ولكن من الممكن أن يكون في صحف أخرى في الدنمارك بالإضافة إلى قنوات ووسائل أخرى بواسطة المسلمين أنفسهم.
أشار الإمام عبد الواحد إلى أن ردود الفعل الإسلامية وخصوصا دعوات المقاطعة كان لها أثرها الفعال في الدنمارك، حتى أن رئيس الحكومة لم يبد أي تعليق بشأن الرسوم قبل أن تحدث ردة الفعل تلك، لكن الأمر تغير فيما بعد، وشعرنا بأثر ذلك عليهم.
وقال إن الأجواء المحيطة ساخنة جدا، وهناك خوف من جانبنا من ردود فعل بعض الجماعات اليمينية المعادية للمسلمين في الدنمارك، مؤكدا أنه لم يتم حرق المصحف كما أشيع، فقد دعت إليه جماعات يمينية متطرفة ولكن البوليس والاستخبارات علموا بذلك لمخطط وأحبطوه.
من جهة أخرى ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية في عدد الثلاثاء 7/2/2006 أن الصحيفة الدنماركية التي نشرت الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم رفضت نشر رسوم كاريكاتورية منذ 3 أعوام عن المسيح عليه السلام ، على أساس أنها قد تكون مهينة للقراء وغير مضحكة.
وقالت الصحيفة إنه في أبريل 2003 سلم الرسام كريستوفر ذيلر الصحفية الدنماركية يولاند بوسطن مجموعة رسوم تصور فكرة انبعاث المسيح، لكنه تلقى رسالة من محرر الصحيفة يرفض نشر الرسوم ويقول له: "لا أعتقد أن قراء صحيفتنا سوف يجدون متعة في هذه الرسوم، وأنها سوف تثير احتجاجات لذلك لن ننشرها".
<< Home