Wednesday, February 01, 2006

وزيرة دانماركية: الثقافات تجمعها لغة واحدة

* سيدي محمد

غريثا روستيبول (الجزيرة)

يحاول المجتمع الأوروبي أن يجد صورة للآخر العربي غير التي رسمتها له وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة، وذلك عبر التعاون الثقافي بكل أشكاله. وتعتبر مملكة الدانمارك التي يعيش فيها عدد لا بأس به من العرب مثقفين وسياسيين مركزا ونواة بدأت تتشكل لهذا الحوار الثقافي الإنساني.

وفي حوار أجريناه مع وزيرة الثقافة بالدانمارك غريثا روستيبول التي عرفت باطلاعها على الثقافة العربية وزارت عدة دول عربية، حاولنا أن نستكشف حقيقة دورها كمثقفة ومسؤولة وسياسية تبذل كل جهدها في رسم تلك الصورة الإنسانية الكونية. وفيما يلي نص الحوار:


هل لديك برامج واضحة للتبادل الثقافي؟

أود أن أوضح أنه منذ وقت طويل وهناك اهتمام بالثقافة العربية في الدانمارك, ونحن كشعب وكمثقفين نتابع هذه الثقافة حتى أصبحنا من العارفين جيدا لها رغم الاختلاف بين ثقافتنا والثقافة العربية العريقة التي تمتد إلى سنوات بعيدة مما يؤكد أن الثقافات تشترك دائما في لغة واحدة هي الحوار ومنطق واحد هو التفاهم.

ونحن من هذا المنطلق أيضا لدينا ما يعرفنا أكثر بهده الثقافة البعيدة عنا والقريبة منا في الوقت نفسه وهو المتحف الوطني الدانماركي الذي يضم مجموعة كبيرة من الآثار المصرية تحديدا وآثار أخرى تعود إلى عصر الحضارة الإسلامية.

وبصفتي الأمين العام للمركز الدانماركي للتبادل الثقافي مع البلدان النامية والذي يشرف على تنشيط البرامج الثقافية فلدينا توجه لإقامة معارض لفنانين تشكيليين، وأعتقد أنهم جيدون ويمثلون البلدان العربية كما هو الحال في مجال المسرح ومحاولة إيجاد صيغة للتعاون المشترك على صعيد السينما أيضا.

وأود هنا بهذه المناسبة أن أعطي فكرة عن معرض يقام الآن في متحف موسكو بالدانمارك للشواهد التاريخية وبعض المخطوطات والتحف والأدوات تحت عنوان "الحياة على ضفاف النيل"، وترجع أهمية هذا المعرض لتغطيته لجوانب واسعة وبمعرفة جيدة للحياة التي قامت وتقوم على النيل. وقد لقي إقبالا كبيرا جدا وزاره عدد كثير من المتعطشين للثقافة والحياة العربية، وقد تم تمويله من وزارة الخارجية الدانماركية ويستمر حتى نهاية العام, وهو خير مثال على ما نعيشه من تواصل مع الثقافة العربية.


كيف ترين مدى أهمية فهم الثقافة العربية خصوصا واهتمام الجامعات والمعاهد الدانماركية بتاريخ المنطقة العربية القديم والحديث؟

يعود اهتمامنا باللغة العربية والتاريخ العربي لفترة طويلة، وهناك أقسام بالجامعات تعنى بهذا المجال لكننا لا نتوقف على التاريخ القديم والحديث بل نتطلع إلى حوار أوسع وأكثر فاعلية مع العالم العربي. وقد قمنا الآن بخطوة في هذا الاتجاه وهي إنشاء المعهد الدانماركي بدمشق حيث تحول إلى مكان للقاء مثقفين عرب ودانماركيين لبحث القضايا المشتركة التي تهم الثقافتين، كما نتطلع إلى إقامة معهد مماثل في مكان آخر من الوطن العربي لنتمكن من حشد أكبر قدر ممكن من الفعاليات الثقافية لتكون الضمانة في بناء جسر بين الثقافتين.


ماذا تفعلين في الدانمارك لدفع الحوار الثقافي بين الشرق والغرب خصوصا وأنك سافرت كثيرا إلى البلدان العربية مثل فلسطين ومصر والمغرب؟

حاولت عبر زيارتي للبلدان العربية وخصوصا زيارتي الطويلة للمغرب أن أتوقف عند أهم المرافق هناك وأن أكوّن أفكارا عن ثقافته، في حين أنني في زيارتي لفلسطين، رام الله والخليل حاولت أن أكون على قرب من أجل أن أتفهم الوضع المتوتر في المنطقة وهذا ساعدني على توضيح وتكوين صورة لدي عن هذا الوضع العام. كما أنني أقمت صداقات مع بعض المثقفين العرب ومازلت أتطلع إلى المزيد حتى نتمكن جميعا من ربط أواصر التعاون الثقافي بين بلداننا وحضاراتنا وشعوبنا.


هل قمتم بدعوة شخصيات عربية إلى الدانمارك؟

العمل الثقافي هنا بالدانمارك مهمته أن يشجع ويدعم ماليا الأفراد ومنظمات المجتمع المدني على إقامة الفعاليات، وقد قمت شخصيا بدعوة شخصيات عربية مهمة كان من أبرزها دعوة عالم الآثار المصري زاهي حواس الذي ألقى العديد من المحاضرات كما هيأت له لقاء مع جلالة الملكة وكان هذا مقدمة لدعوة شخصيات أخرى في مجالات مختلفة، هذا بالإضافة إلى أن هناك جهات أهلية تأخذ على عاتقها دعوة الكتاب والفنانين ويتم تمويل زياراتهم وبرامجهم عن طريق المؤسسات الرسمية.


هل تعولين كثيرا على الحوار الثقافي بين الشرق والغرب في ظل عولمة وعسكرة العالم؟

عندما ننظر إلى الكون ككون فكل ما يجب أن نقوم به هو الكونية بمعنى أن نكون مسؤولين عن كل ما يجعل العالم كونا واحدا. ومن خلال عملي الثقافي أحاول أن أدفع بهذا الحوار ليكون من أجل البشرية، أي أن يلامس البشر والثقافة والحياة اليومية. وأعتقد أن هذا هو ما نطمح له وهو الوحيد الجميل والرائع وهو الشيء الأهم الذي بإمكانه أن يجنب البشر الويلات ويجعل العالم نظيفا وبعيدا عن العسكرة المدمرة.
______________