الخارجية الأميركية تجرب دبلوماسية المدونات
الخارجية الأميركية تجرب دبلوماسية المدونات |
قررت وزارة الخارجية الأميركية تخصيص فريق للاتصال الرقمي بالمدونين مكون من ثلاثة أشخاص.
وتتلخص مهمة هذا الفريق بإرسال رسائل باللغة العربية إلى المدونات العربية ذات النفوذ للرد على الكتابات المناوئة للولايات المتحدة، وتعزيز التوجهات المعتدلة بين الشباب المسلم، "على أمل صرفهم عن الإرهاب".
وتعتبر دبلوماسية المدونات أو (Blog Diplomacy) كما أسمتها صحيفة واشنطن بوست، آخر خطوط الدفاع الأميركية عن سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وكان مسؤول بمكتب "برامج المعلومات الدولية" في الخارجية أبلغ لجنة "الإرهاب والتهديدات غير التقليدية" المتفرعة عن لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب أن مدوني الوزارة يتحدثون بلغة وتعبيرات المنطقة، ويعرفون النقاط المرجعية لثقافاتها، وغالبا ما يستطيعون التحدث بصراحة وعفوية، عوضا عن شخصية المتحدث الرسمي الحكومي.
ونظرا لأن طريقة عمل التدوين تميل إلى العفوية التامة وتجاذب الحديث، فقد اختارت الخارجية مسؤولا مخضرما ومقتدرا خدم في العراق، ليشرف على كل رسالة ويناقشها قبل إرسالها. فهذا المكتب لا يصنع السياسات.
يتمثل نهج فريق الاتصال الرقمي بالمشاركة في محادثات المدونات، وغالبا ما تتعلق بدوافع سياسة الولايات المتحدة تجاه العراق، وعندما يقول الآخرون إن الاحتلال الأميركي للعراق هدفه مساعدة إسرائيل أو الحصول على البترول. فتكون مهمة الفريق تبيان مسألة الدوافع وإظهار "خطأ تلك المزاعم".
يعتقد مسؤول مكتب برامج المعلومات في الخارجية أنه ليس ممكنا أن يقال حسنا هذه هي سياستنا وكفى، ويدون ذلك على المدونات، فلا بد من ردم الفجوة بين الموقفين. وقال إنه يمكن لمناسبة رياضية أو حدث أو حتى الشِعْر إتاحة فرصة التحادث مع الناس. وستوسع الوزارة هذا الفريق ليضم ستة متحدثين بالعربية واثنين بالفارسية ومتحدث بالأوردية.
والبنتاغون أيضا
من ناحية أخرى، أقامت القيادة المركزية لوزارة الدفاع الأميركية وحدة عمليات للمدونات بمقرها، لتثبت أيضا أنها على تماس مع الإعلام الحديث, وأصدرت دليلا عمليا بشأنها.
" هذا التوجه الجديد في الاتصالات لوزارتي الخارجية والدفاع يتحول أيضا إلى رسالة أكثر تعقيدا، بحيث يتحرك بعيدا عن محاولة تغيير التصورات بشأن الولايات المتحدة، والتركيز على التصورات الذاتية للجماهير المستهدفة " |
يقول مصدر في وزارة الدفاع إن القيادة المركزية تتحرك نحو مجال الاتصال وعبر المدونات، وهي لا تستخدم دائما أفرادها المتحدثين بالعربية أو الفارسية، لكنها تتعاقد مع الكفاءات اللازمة. وتتبادل الخبرات مع وزارة الخارجية، وتحاول باستمرار تحسين القدرات المعرفية للقيام بالمهام ذات الصلة.
هذا التوجه الجديد في الاتصالات لوزارتي الخارجية والدفاع يتحول أيضا إلى رسالة أكثر تعقيدا، بحيث يتحرك بعيدا عن محاولة تغيير التصورات بشأن الولايات المتحدة، والتركيز على التصورات الذاتية للجماهير المستهدفة.
ووصف مسؤولون أمام لجنة مجلس النواب الفرعية خطوة أخرى تتناول ما دعوه "اتصالات مناهضة للإرهاب"، وتتطلب وعيا أكبر بتأثير تصريحات الرسميين الأميركيين.
فقد لفت مسؤول مكتب برامج المعلومات في الخارجية النظر إلى أنه عندما يقول بعضهم "الفاشية الإسلامية" (Islamo-fascism) سواء كان لهذا التعبير معنى أو لم يكن، فإن ما يسمعه الجمهور المسلم المستهدف هو "حرب على الإسلام".
الكفاءة الكمية والنوعية
وفي حديث للجزيرة نت، رأى الإعلامي ومحرر مجلة "الكتب وجهات نظر" أيمن الصيّاد أهميةً نوعية لهذا النهج في الاتصال، فمتصفحو الإنترنت هم أكثر تأثرا بهذه الرسائل، وصدقيتها تعتمد طرديا على تواترها. وربما يؤدي استهداف مدونات ومواقع دردشة بعينها إلى زيادة الفاعلية النوعية.
لكنه يجد أن الكفاءة الكمية مشكوك فيها. فالإحاطة بكافة المدونات المعنية أمر بالغ الصعوبة، واستخدام آليات مسح كقواعد البيانات لا يؤدي بالضرورة لنتائج موثوقة. كما أن متصفحا سبق إلى مدونة قد لا يعود إليها ليقرأ الرسائل الموجهة، ومن جاء بعد قد لا يقرأها بالضرورة. لكنه نهج له جدوى.
الأمر اللافت لديه أن المؤسسات الإعلامية العربية لم تهتم بمتابعة المدونات والحوارات العربية بفضاء الإنترنت، أو تحليلها موضوعيا وكميا، أو رصد اتجاهاتها ودلالاتها السياسية والمستقبلية. وسيفاجأ الكثير بغلبة السمة الطائفية والمذهبية عليها، وليس الموقف من الاحتلال الأميركي للعراق وأفغانستان