Tuesday, June 06, 2006

الدبلوماسية الأميركية العامة

عرض/علاء بيومي
العرض الحالي يتناول نتائج أحدث تقارير مكتب المحاسبة الأميركي عن جهود الولايات المتحدة لتحسين صورتها في العالم الإسلامي الصادر في أوائل مايو/أيار 2006.

أهمية التقرير ترجع لعدة أسباب يأتي على رأسها أنه صادر عن مكتب المحاسبة الأميركي، وهو هيئة أميركية فدرالية مستقلة عن الحكومة وتعمل بالأساس كأداة في يد الكونغرس الأميركي لتقييم برامج السلطة التنفيذية لتحديد ما إذا كانت تلك البرامج تصب في الأهداف التي صممت من أجل تحقيقها وما إذا كانت برامج ناجحة أو غير ذلك


صدور التقرير عن هيئة فدرالية يعطيه مسحة مصداقية وموضوعية في ظل ما يحتويه من تقييم ونقد لجهود الخارجية الأميركية في مجال الدبلوماسية العامة، خاصة أن القائمين على إعداد التقرير أكدوا خلاله أنهم سمحوا لمسؤولي الخارجية بالاطلاع على تقريرهم والتعليق عليه خلال فترة إعداده.

السبب الثاني هو موضوع التقرير المعني بجهود أميركا لتحسين صورتها في العالم الإسلامي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، وهي قضية حازت على اهتمام كبير ومستمر خلال السنوات الأخيرة.

والثالث هو أن التقرير يقدم وصفا علميا دقيقا لحملات الخارجية الأميركية لتحسين صورة الولايات المتحدة في العالم الإسلامي، مستفيدا من الأفكار التي يقدمها حقل العلاقات العامة في هذا المجال، ومن جهود القطاع الأميركي الخاص في مجال الدعاية والإعلان والعلاقات العامة.

لذا يشعر التقرير قارءه بالجهود المختلفة التي يبذلها المسؤولون الأميركيون لتحسين صورة بلدهم في العالم الإسلامي، وبسعي هؤلاء المسؤولين لبناء جهودهم على أسس علمية وعملية صحيحة، وبرغبة الكونغرس في التأكد من أن الدبلوماسية الأميركية العامة تسير في الطريق الصحيح.

وهو كذلك ينبه إلى التحديات الضخمة التي تواجه الحملة الأميركية وأي حملة مماثلة بحكم ضخامة أهداف تلك الحملة لكونها تسعى لتحسين صورة أميركا في 58 دولة عبر العالم –هي مجموع دول العالم الإسلامي– وذلك في ظروف سياسية دولية لا تخلو من تحديات.

- العنوان: الدبلوماسية الأميركية العامة
- المؤلف: مكتب المحاسبة الأميركية
- عدد الصفحات: 65
- الناشر: مكتب المحاسبة الأميركي، واشنطن
- الطبعة: 3 مايو 2006

هدف التقرير ومنهجه
من المعروف أن وزارة الخارجية الأميركية ليست الجهة الوحيدة المسؤولة عن تحسين صورة أميركا في العالم، فبرامج الدبلوماسية العامة وتحسين الصورة موجودة في وزارات وهيئات أميركية أخرى من بينها وزارة الدفاع، ومجلس أمناء الإذاعات ومنه تسير محطة سوا وتلفزيون الحرة الأميركيان، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

ويقول التقرير إن الخارجية الأميركية ومجلس أمناء الإذاعات يحوزان معا على الجانب الأكبر من ميزانية أميركا لتحسين صورتها عبر العالم، إذ يستحوذان معا على 1.2 بليون دولار أميركي، تحصل منها الخارجية الأميركية على 597 مليونا وفقا لميزانية عام 2005.





وقد ذهب 356 مليونا من ميزانية الخارجية الأميركية لبرامج التبادل الثقافي الذي يشمل استقدام زوار وأكاديميين أجانب لأميركا وتعليم الإنجليزية لغير الأميركيين.

كما أنفقت الخارجية الأميركية 68 مليون دولار على برامج معلوماتية تهدف إلى توفير مزيد من المعلومات عن أميركا لشعوب العالم من خلال مواقع الإنترنت ونشر المكتبات أو الزوايا الأميركية عبر العالم.

أما بقية ميزانية الخارجية الأميركية فتذهب إلى رواتب موظفي الدبلوماسية العامة الأميركيين المنتشرين في البعثات الدبلوماسية الأميركية عبر العالم.

وهنا يتضح أن هدف التقرير هو تقييم برامج الخارجية الأميركية في مجال الدبلوماسية العامة الموجهة إلى العالم الإسلامي، وأنه لا يهدف إلى تقييم السياسة الخارجية الأميركية بشكل عام أو تقييم أثر السياسة الخارجية الأميركية على صورة أميركا.

كما لا يهدف إلى تقييم برامج الدبلوماسية العامة التي تقوم بها وزارات أو هيئات أميركية أخرى غير الخارجية الأميركية.

فالتقرير ينظر بالأساس إلى حملة العلاقات العامة التي تديرها الخارجية الأميركية من خلال برامج الدبلوماسية العامة لتحسين صورة الولايات المتحدة في دول العالم الإسلامي، ويحاول تقييم هذه الحملة من منظور الحملات التي تديرها الهيئات والشركات الأميركية الخاصة لتحسين صورتها في الأسواق الأميركية والدولية.

ولتحقيق هذا الهدف قام المسؤولون عن إعداد التقرير بإجراء مقابلات مفصلة مع مسؤولي الخارجية الأميركية بواشنطن، كما عقدوا حلقات نقاش شارك فيها خبراء مسلمون وأميركيون في مجال الدبلوماسية العامة وتحسين الصورة.

وسافر معدو التقرير إلى ثلاث دول إسلامية هي مصر وباكستان ونيجيريا حيث قابلوا مسؤولي الدبلوماسية العامة بالسفارات الأميركية للاطلاع عن قرب على ما يدور على أرض الواقع، كما أجروا اتصالات عبر الهاتف بمسؤولي الدبلوماسية العامة بسفارتي أميركا في إندونيسيا وتركيا، إضافة إلى تحليل ما أنتج من الجهات الأميركية الرسمية والأكاديمية من تقارير تحلل برامج الدبلوماسية العامة الأميركية.

هذا كله تم للتأكد من أنهم ينتجون تقريرا علميا يكشف ما يدور بواشنطن وبالبعثات الدبلوماسية عبر العالم الإسلامي وبما توصل إليه البحث العلمي وجهود القطاع الخاص من نتائج وأفكار حديثة بخصوص موضوع تقريرهم.

"
أي خطة علاقات عامة ودعاية ناجحة لابد أن تتكون من عناصر خمسة رئيسية منها تحديد هدف الإستراتيجية ورسالتها وتحديد الجمهور المستهدف، وتطوير إستراتيجية مفصلة تحدد سبل الوصول إلى هذا الجمهور وإقناعه برسالة الحملة
"
اهتمام أميركي وتحديات
يؤكد التقرير في أجزاء متفرقة منه اهتمام كبار مسؤولي الخارجية الأميركية، وعلى رأسهم وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ومساعدتها لشؤون الدبلوماسية العامة كارين هيوز، ببرامج الدبلوماسية العامة وبجهود أميركا لتحسين صورتها في العالم الإسلامي.

وفي هذا الإطار قامت رايس بإعادة توزيع الدبلوماسيين الأميركيين حول العالم بهدف زيادة عددهم في العالم الإسلامي.

أما كارين هيوز –وهي مستشارة سابقة للرئيس الأميركي– فجاء تعيينها كمسؤولة عن برامج الدبلوماسية العامة كعلامة على حرص الإدارة على هذه البرامج، وقد أعطت هيوز لبرامج الدبلوماسية العامة مسحة من الاهتمام والحرص على النجاح.

وقد زاد الإنفاق على برامج الدبلوماسية العامة الأميركية بنسبة 21% بين عامي 2004 و2006، وذهبت النسبة الأكبر من هذه الزيادة إلى البرامج الموجهة للعالم الإسلامي.

.